الانتخابات المؤقتة بالعراق بارقة أمل للنزاهة الانتخابية

لا يتم بناء النزاهة الانتخابية في يوم واحد، ومع ذلك، يعطي العراق إشارات مشجعة بأنه مصمم على العمل على تحقيقها.

لقد توجه الشعب العراقي إلى صناديق الاقتراع لانتخاب مجالس المحافظات للمرة الأولى منذ 10 سنوات، بعد أن أعاد رئيس الوزراء العراقي ‫ محمد شياع السوداني تقديمها.وقد تم التعليق على نطاق واسع بأن الانتخابات تمثل "إختبارا" للديمقراطية العراقية ولسلامة الانتخابات في العراق. وتعدّ العراق حاليا جزيرة الديمقراطية محاطة بشكل شبه كامل بالحكومات المتسلطة في الشرق الأوسط، وإعادة الانتخابات من قِبل رئيس الوزراء تشير إلى تعزيز تلك الديمقراطية.

إن الديمقراطية في العراق لا تخلو من العيوب، حيث تم تأجيل انتخابات المحافظات في عام 2013 بسبب الحرب ضد داعش، ومن ثَم تم اعادتها فقط في ظل رئيس الوزراء الحالي. وفيما يتعلق بالنزاهة الانتخابية على وجه التحديد، ظهرت بعض الشكاوى الخاصة بتصويت يوم السبت المخصص للأفراد العسكريين والأمنيين والنازحين داخليا، فيما يختص بآلية العمل حيث وجدت صعوبات في فحص بصمات الأصابع بواسطة آلات الاقتراع، بالإضافة إلى عدم إرسال التقارير النهائية للدوائر الانتخابية إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق. ومع ذلك، فقد عملت المفوضية على عدم تكرار هذه المشاكل خلال تصويت يوم الإثنين.

فضلًا على ذلك، يشكو منتقدو الحكومة الحالية، ولا سيما أتباع مقتدى الصدر، من "فساد" الطبقة السياسية معتبرين أن المشاركة في الانتخابات سوف يؤدي إلى تعزيز هذا الأمر. غير أن الحكومة العراقية قد اتخذت إجراءات صارمة ضد القضايا الأمنية التي قد تعطل الانتخابات، وقد صرح رئيس الوزراء بأن الانتخابات هي السبيل الوحيد لمعالجة الفساد.

على نطاق اوسع، هناك مشكلة أخرى تتمثل في انخفاض نسبة الإقبال، فبرغم المؤشرات القوية التي صدرت يوم السبت التي تمثلت في نسبة مشاركة تجاوزت 65 % من الأفراد العسكريون والأمن والنازحون داخليا، إلا أن المشاركة بين عموم السكان لا تزل منخفضة لتصل إلى 20 % في مناطق مثل البصرة. ولكن الأمر الأكثر تشجيعا هو أن مناطق مثل ديالى شهدت إقبالا بلغ 40 %.

وتعكس هذه الأرقام الانتخابات المحلية في الديمقراطية الغربية مثل المملكة المتحدة (32% على المستوى المحلي)، وعلى هذا فلا ينبغي لنا أن ننظر إلى الإقبال على صناديق الاقتراع باعتباره ممثلا لديمقراطية دولة العراق كليًّا، حيث تشير مستويات المشاركة هذه إلى المساهمة النشطة والثقة المتزايدة في النظام الديمقراطي.

وعلى الرغم من هذه العقبات، ينظر إلى الانتخابات على نطاق واسع على أنها مدعاة للتفاؤل مع تحسن تمثيل مختلف فئات المجتمع العراقي. وتجدر الإشارة إلى أن هناك حصص نسبية للسكان المسيحيين واليزيديين في العراق.

وتعتبرهذه الحصص مهمة بشكل خاص لهذه المجتمعات، حيث تعرض العديد من اليزيديين للإبادة الجماعية في المناطق التي سيطرعليها داعش، مما ادي إلى نزوحهم داخل العراق، ومن خلال زيادة التمثيل في السياسة العراقية، يمكن الدفاع عن اليزيديين على مستويات متعددة من الحكم لتحسين آفاق اندماجهم الكامل في عراق متنوع.

كما أن هناك حصة للنساء بما لا يقل عن 25% من مجموع مقاعد البرلمان العراقي. ويهدف هذا إلى ضمان أن تتمتع المجموعات الأقل تمثيلا بثقة أكبر في الحكومة، وتوفر الحصص وسيلة لضمان تمثيل الأقليات في المجالس التشريعية العراقية.

ويعد الإنجاز الحقيقي هو اجراء هذه الانتخابات من الأساس، وحقيقة أن العراق لا يزال أحد المنارات القليلة للديمقراطية في المنطقة، مما يعتبر نجاح في حد ذاته. فقد شهدت الديمقراطية تراجعا كبيرا لتتحول إلى النظم المتسلطة في بعض الدول في المنطقة أبرزها تركيا في ظل حكم الرئيس أردوغان.

على الرغم من العيوب، تعمل حكومة رئيس الوزراء السوداني على خلق ظروف ديمقراطية يمكن في ظلها تحسين النزاهة الانتخابية وازدهارها. ومع تزايد الثقة بين السكان، سوف تزداد أيضا المطالبات باتخاذ المزيد من تدابير النزاهة الانتخابية.

Previous
Previous

Democracy in Action: The Global Impact of Taiwan's Pivotal Elections

Next
Next

Provisional elections offer hope for Iraq’s electoral integrity